هي تحفة فنية نحتها الفيلسوف والسيميائي الإيطالي أمبرتو إيكو -سنة 1980- الذي وظّف تميزه في الجماليات و سيميوتيكا والبحث التاريخي وهو أصلا ناقد معروف في الأوساط الأكاديمية، مؤرخ للفن و مهتم باللسانيات إضافة لكونه كاتب صحفي و محلل سياسي يدرك خبايا صراعات الساسة ورجال الدين وتحالفاتهم، نحتها ببراعة أجداده فنّاني عصر النهضة ليوناردو و مايكل و رافاييل ليخرج لنا عملاً أدبيا خالداً.
رواية تدمج بين كونها رواية غموض وجريمة وفي نفس الوقت تناقش مواضيع لاهوتية وفلسفية عميقة يجريها امبرتو على ألسنة شخصياته في حوارات سلسة و مبسطة تضعك أمام موضوعات الخلافات الطائفية التي اجتاحت أوربا لقرون لم تذر فيها أخضر ولا يابس إلا وأتت عليه، كمواضيع فقر المسيح و مدى أحقية رجال الدين في الكنوز التي ينعمون بخيراتها فيمَ يعيش عامة الشعب فقرا مدقعا، كما تتناول ضلالات الهراطقة وانشقاقاتهم التي أدت إلى حروب طاحنة حصدت مئات الآلاف والخلافات حول الضحك أجيّد هو أم أنه مميت للقلب مُذهِب للاحترام.. ولم يفُت الناقد الإيطالي الشهير التطرق لتأثير مكتبات وعلوم العرب والاغريق والرومان على المسيحية و بدايات النهضة فاقتبس من كتب علماء المسلمين آنذاك الطبية والفيزيائية وغيرها الشئ الكثير في حواراته..
يزداد الضغط النفسي على ويليام مع اقتراب موعد وصول الوفدين للدير ويتضح شيئا فشيئا أن سبب الجرائم هو#كتــاب خطير تم تسريبه من مكتبة الدير التي تعتبر الأكبر في العالم المسيحي - رغم كونها صغيرة جدا مقارنة بمكتبات العالم الاسلامي حينها- والمبنية على شكل متاهات لا يعرفها إلا أمين المكتبة.. ليصبح بذلك بطل الرواية الأول هو الكتاب في حد ذاته، لكن الجميل في عمل ايكو هذا هو نهاية القصة حيث تتسارع الأحداث و تزداد حدة النقاشات بالتزامن مع تصاعد سرعة كشف الجرائم واحدة تلو الأخرى إلى أن يذيب العبقري الإيطالي الراحل الحوارات الدينية والتاريخية مع الأحداث البوليسية الجارية لتلتحم في قالب واحد ساحر لينهي القصة بطريقة تليق بعمل كـ اسم الوردة، عمل هزّ الأوساط الأدبية في ثمانينات القرن الماضي و أسال الكثير من الحبر و جرّ العديد من الدارسين والنقاد لتأويله ودراسته دراسة دقيقة متأنية و كان إيكو أحد الذين كتبوا عنها محاولة لفهمها و تفسيرها بناء على التحليلات والدراسات التي وردته.. ويعتبر النقاد والقرّاء اسم الوردة أحد أفضل ما كتب في القرن العشرين.
تجدر الاشارة لكون الرواية ليست موجهة للمبتدئين لصعوبة مواضيعها و تشعبها و تعقيدها كغوصها في اغوار النفس البشرية والفلسفة واللاهوت والتاريخ المسيحي و أيضا لحجمها الكبير -حوالي 550 صفحة- و أحد الأسباب الأساسية في رأيي هو كون إيكو يكتب بطريقة أكاديمية، لكنها في الوقت ذاته رواية غنية بالمعلومات التاريخية والفلسفية المهمة، مما يجعلها رواية يجب ألا تخلو منها مكتبة عاشق للأدب.
رواية تدمج بين كونها رواية غموض وجريمة وفي نفس الوقت تناقش مواضيع لاهوتية وفلسفية عميقة يجريها امبرتو على ألسنة شخصياته في حوارات سلسة و مبسطة تضعك أمام موضوعات الخلافات الطائفية التي اجتاحت أوربا لقرون لم تذر فيها أخضر ولا يابس إلا وأتت عليه، كمواضيع فقر المسيح و مدى أحقية رجال الدين في الكنوز التي ينعمون بخيراتها فيمَ يعيش عامة الشعب فقرا مدقعا، كما تتناول ضلالات الهراطقة وانشقاقاتهم التي أدت إلى حروب طاحنة حصدت مئات الآلاف والخلافات حول الضحك أجيّد هو أم أنه مميت للقلب مُذهِب للاحترام.. ولم يفُت الناقد الإيطالي الشهير التطرق لتأثير مكتبات وعلوم العرب والاغريق والرومان على المسيحية و بدايات النهضة فاقتبس من كتب علماء المسلمين آنذاك الطبية والفيزيائية وغيرها الشئ الكثير في حواراته..
و مما أعطى الرواية طابعا خاصا هو أن المواضيع التي يتناولها إيكو تتجاوز حدودها الزمكانية فبالإمكان اسقاطها على قضايا معاصرة. فهي بكل بساطة عمل انساني تجاوز حدود الدير والقرن الرابع عشر، وايضا مما زادها جمالا كون حدة النقاشات اللاهوتية تتصاعد تدريجيا بالتزامن مع تصاعد أحداث الجرائم التي توالت مع وصول راهب فرنشسكاني حاد الذكاء، يدعى ويليام دو باسكرفيل -مع تلميذه آدسو دي مالك- الذي تمّ استدعاؤه لحل جريمة قتل غريبة و توقيف الجاني قبل وصول وفدي رجال دين لاجتماع مهم، لتتوالى الجرائم في ذلك الدير النائي الواقع بالشمال الإيطالي -عام 1327م- الذي يستعد لاحتضان اجتماع الإخوة الأعداء (ممثلي البابوية و ممثلي الرهبنة الفراشسيسكانية) الذين يحاولون تقريب وجهات النظر و تهدئة الأوضاع المحتقنة..
يزداد الضغط النفسي على ويليام مع اقتراب موعد وصول الوفدين للدير ويتضح شيئا فشيئا أن سبب الجرائم هو#كتــاب خطير تم تسريبه من مكتبة الدير التي تعتبر الأكبر في العالم المسيحي - رغم كونها صغيرة جدا مقارنة بمكتبات العالم الاسلامي حينها- والمبنية على شكل متاهات لا يعرفها إلا أمين المكتبة.. ليصبح بذلك بطل الرواية الأول هو الكتاب في حد ذاته، لكن الجميل في عمل ايكو هذا هو نهاية القصة حيث تتسارع الأحداث و تزداد حدة النقاشات بالتزامن مع تصاعد سرعة كشف الجرائم واحدة تلو الأخرى إلى أن يذيب العبقري الإيطالي الراحل الحوارات الدينية والتاريخية مع الأحداث البوليسية الجارية لتلتحم في قالب واحد ساحر لينهي القصة بطريقة تليق بعمل كـ اسم الوردة، عمل هزّ الأوساط الأدبية في ثمانينات القرن الماضي و أسال الكثير من الحبر و جرّ العديد من الدارسين والنقاد لتأويله ودراسته دراسة دقيقة متأنية و كان إيكو أحد الذين كتبوا عنها محاولة لفهمها و تفسيرها بناء على التحليلات والدراسات التي وردته.. ويعتبر النقاد والقرّاء اسم الوردة أحد أفضل ما كتب في القرن العشرين.
تجدر الاشارة لكون الرواية ليست موجهة للمبتدئين لصعوبة مواضيعها و تشعبها و تعقيدها كغوصها في اغوار النفس البشرية والفلسفة واللاهوت والتاريخ المسيحي و أيضا لحجمها الكبير -حوالي 550 صفحة- و أحد الأسباب الأساسية في رأيي هو كون إيكو يكتب بطريقة أكاديمية، لكنها في الوقت ذاته رواية غنية بالمعلومات التاريخية والفلسفية المهمة، مما يجعلها رواية يجب ألا تخلو منها مكتبة عاشق للأدب.
ملاحظة:
الرواية ربما هي التي الهمت يوسف زيدان لكتابة روايته عزازيل التي تطرق فيها لكثير من مواضيع الصراع المذهبي بين الطوائف المسيحية في الشرق و كذا الشخصيات التاريخية المؤثرة في الفكر المسيحي خصوصا و أنه كرر بعض المواضيع بل حتى فكرة رواية القصة كمذكرات و فكرة المخطوط.. لكن للأمانة كانت لغة زيدان أكثر جمالا فيما كانت رواية إيكو أكثر غنىً وعبقريةً.
عندما يقتحم سيميائي و فيلسوف اللغة مجال الكتابة الروائية يكون النتاج "اسم الوردة"
ReplyDeleteرائعة الايطالي أمبرتو إيكو
هي رواية اشتهرت على أنها رواية بوليسية لكنها في الحقيقة صعبة التصنيف، مزجت بين الكتابة التاريخية و الحبكة البوليسية ناقشت أفكار فلسفية تكلمت عن الدين ،السياسة و صراعات الكنيسة آنذاك رسمت الثقافة و العمران الذي تميزت به القرون الوسطى .
وظف الكاتب فيها مهاراته و قواعده كمختص في العلوم السيميائية مما جعل نصه الروائي غني بالجناسات و الحورات الواصفة و السردية .
ارتكز "ايكو" في قصته على مخطوط ألفه راهب ألماني في أواخر القرن الرابع عشر "دون أدسون دي مالك" .حيث استمد من عنوانه اسما للراوي الذي ستسرد على فمه الأحداث : "أدسو دا مالك" ، راهب ألماني بنيدكتي مبتدئ يقوم برحلة رفقة استاذه الفرنشسكاني الانجليزي الأصل "غوليالمو"
متجهين الى دير في الشمال الإيطالي . المكان الذي سيحصل فيه جرائم فضيعة و يكلم "غوليالمو" بالتحقيق فيها .
572 صفحة أقل ما يمكن القول عنها أنها مذهلة في وصفها في سردها في حواراتها و مناقاشتها.